الأربعاء، 4 نوفمبر 2015

الغريب بقلم الشاعر : أحمد عبد الوهاب

وَحِيْدٌ أَنَا فِي المَدِيْنَةِ ..
وَالنَّاسُ صُمٌ وَبُكْمٌ وَعُمْيٌ ..
وَلا يَشْعُرُوْنْ
وَخَالِيَةٌ مِنْ سِوَايَ الشَّوَارِعُ ..
رَغْمَ الَّذِيْنَ عَلَى جَسَدِي ..
يَعْبُرُوْنْ
يُحَاوِرُنِي الصَّمْتُ فِي صَخَبٍ ..
يُجْهِضُ البَوْحَ ..
بَيْنَ جُنُوْنِ الصُّرَاخِ ..
وَبَيْنَ صُرَاخِ الجُنُوْنْ
قُبُوْرٌ جَمَاعِيَّةٌ نَاطِحَاتُ السَّحَابِ ..
وَرَائِحَةُ المَوْتِ ..
خَارِجَةٌ مِنْ مَدَاخِنِ كُلِّ البُيُوْتِ
وَلَحْنُ المُجُوْنْ
أُرَاقِصُ خَوْفِي مِنَ السَّجْنِ ..
مِثْلَ القَنَادِيْلِ فِي حُجُرَاتِ الضَبَابِ
فَتَصْدِمُنِي عَرَبَاتُ الشُّجُوْنْ
وَأَصْحُوْ وَقَدْ كَفَّنَتْنِي الجَرَائِدُ ..
فَوْقَ الرَّصِيْفِ ..
عَلَى خَبَرِ اليَأْسِ ..
واللامُبَالاةِ ..
تَمْضِي الحَيَاةُ بِغَيْرِ الْتِفَاتٍ إِلَيَّ ..
وَلا يَتَأَسَّى عَلَيَّ الشُّهُوْدُ ..
وَلا البَاعَةُ الجَائِلُوْنْ
يَمُرُّوْنَ حَوْلِيْ ..
وَقَدْ طَمَسَ اللَّيْلُ كُلَّ مَلامِحِهِمْ ..
لا أُفَرِّقُ بَيْنَ العَدُوِّ وَبَيْنَ الصَّدِيْقِ ..
لأنَّ المَسَافَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ الحَقِيْقَةِ ..
غَارِقَةٌ فِي دِمَاءِ الظُّنُوْنْ
أَظَلُّ أُقَاوِمُ زَلْزَلَةَ الأرْضِ ..
لَكِنَّ قَلْبِي تَصَدَّعَ ..
أَصْبَحَ فِي لَحْظَةٍ آيِلاً لِلسُّقُوْطِ ..
وَكُلُّ الَّذِيْنَ بِهِ يَهْرُبُوْنْ
أُحَاوِلُ أَنْ أَنْفُضَ الزَّمَنَ المُتَهَدِّمَ فَوْقِي ..
يُطَارِدُنِي الحُزْنُ فِي كُلِّ شَرْخٍ ..
بِجُدْرَانِ عُمْرِي ..
فَيَنْهَارُ مِثْلَ السَّمَاوَاتِ سَقْفُ دُمُوْعِي ..
وَتَهْمِي العُيُوْنْ
وَحِيْدٌ أَنَا فِي النَّهَايَةِ ..
بَيْنَ الطُّلُوْلِ بِأَرْوِقَةِ الذِّكْرَيَاتِ..
وَلَكِنَّنِي قَدْ نَجَوْتُ أَخِيْرَاً ..
لَحِقْتُ بِآخِرِ قَاطِرَةٍ تَحْمِلُ الغُرَبَاءَ ..
بَعِيْدَاً عَنِ الوَطَنِ المُسْتَبَاحِ ..
الَّذِي احْتَلَّهُ المَيِّتُوْنْ
تَرَكْتُ الحَقَائِبَ خَلْفِي ..
بِكُلِّ الجِرَاحِ الَّتِي قَدْ حَوَتْهَا ..
لأُوْقِفَ نَزْفَ السِّنِيْنَ ..
وَأَبْدَأَ عُمْرَاً جَدِيْدَاً مِنَ الحُلْمِ ..
خَارِجَ أَسْوَارِ تِلْكَ السّجُوْنْ


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق