( مَواقِعُ النُّجوم )
الشُّعراءُ جَمعانِ :
شُعَراء يَكتبونَ لِحياتِِهم ، وهؤلاءِ عَمّا قَليلٍ
سَيَذرو النِّسيانُ أسماءَهم ، ويَنقَطِعُ ذِكرُهم
بِنَفادِ أيّامِهم ، فَما كُتبَ على عَجل يُنسى
على عَجَل .
وشُعراء يَكتبونَ لِلتاريخِ ، وهؤلاءِ باقونَ ما
بَقِيَتِ الدُّنيا ، ومِن هذهِ الإسماءِ الخالِدَةِ زهير
بن ابي سلمى ، أشهَر شُعراءِ الحَوليّات الَّذي
كانَ يَعملُ القَصيدَةَ في أربَعَةِ أشهُر ،
ويُنَقِّحُها في أربَعَةِ أشهُر ، ثُمَّ يَعرِضُها
في أربَعَةِ أشهُر ، ثُمَّ بَعدَ ذلكَ يُخرِجُها الى
النّاس .
وقد صَدَقَ الحُطيئَةُ حينَ قالَ : خيرُ الشِّعرِ
الحَوليُّ المُحكك ، وقد أحسَنَ ابنُ ميادَة
حيثُ قالَ :
فَإن أهلِك فَقَد أبقَيتُ بَعدي
قَــوافِــيَ تُعجِبُ المُتَمَثِّلينا
لَـذيذاتِ المَقاطِعِ مُحكَماتٍ
لَوَ انَّ الشِّعرَ يُلبَسُ لارتُدينا
فَقلتُ :
ما بالُ أقوامٍ لا يَتَأدَّبونَ بِأربَعِ دَقائِق مِنَ
القراءَةِ في يومهم ثُمَّ يَطمَعونَ بِدُخولِ
التّاريخِ !!!
وأختِمُ ما بَدأتُ بِوَصيَّةٍ لي ولإخوتي :
خُسرٌ دُناكَ و خيرُ ما وُهِبَ الوَرى
تَـقوى الـقلوبِ و صِـحَّــةُ الأجـسامِ
....
خُـسرٌ دُنـاكَ وخَـيرُ مـا رَبـحَ الفتى
نُـصـحُ الأمـيـنِ و صُـحـبَةُ الـعَـلاّم ِ
....
مـا أبـعَدَ الـخُسرانَ مـن رَجُـلٍ لـهُ
رأيُ الـرَشـيـدِ و هِــمَّـةُ الـمِـقدامِ
....
و اعـملْ على جَعلِ الفَراغِ غَنيمَةً
و اقـطَـعْ لِـعِِـلمِكَ حِـصَّةَ الـضرغامِ
....
إنَّ الــفَـراغَ لَـنِـعـمَةٌ غُـبِـنـوا بــهـا
جُــلُّ الــوَرى يــا حَـسـرَةَ الـنُـوّام ِ
....
لا خَـصمَ أعـدى لـلفتى مـن كِبرِه
أصـــلِ الـشَـقـاءِ و مَـنـبتِ الآثــامِ
....
لا شـيءَ يـهوي بـالجَهولِ كـجَهلهِ
أقــبِـحْ بِـــهِ مـــن مِـعـوَلٍ هَــدّام ِ
....
فـاربـأ بـنَـفسكَ أن تُـصاحِبَ جـاهِلاً
واحـفظْ وَقـارَكَ و الـمَقامَ السامي
....
الـمرءُ يَـنزلُ حـيثُ شاءَ من الورى
فـاجـعَل لِـنَـفسِكَ رُتـبَـةَ الإعـظـامِ
....
و كـما يَشاءُ المَرءُ يُذكَرُ في الورى
فـاخـطُطْ لِـنَفسِكَ سـيرَةَ الأعـلامِ
....
و دَعِ الطَغامَةَ و البخيلَ على الدُنا
مُـتَـنـاطِـحَـينِ تَــنــاطُـحَ الأنـــعــامِ
.......................................
للشاعر اسامة سليم