الاثنين، 29 فبراير 2016

إلى اللقاء يا عمر .. بقلم الشاعر / عادل عبدالباقي

إصبرْ بُنيَّ
إنَّ سَجنَكَ فوق صدرِ الصامدين وسامُ
أبُنيَّ صبرا
إنَّ دربَ الحقِّ في دنيا الطغاةِ ظلامُ
إن كان عمرُكَ يا بنيَّ لُحيظَةً
عِشها عزيزاً فالخنوعُ حرامُ

أبتاهُ أعلمُ إنَّما
الجُلُّ أدركهُ العَما
والدربُ أنأى من السما
أبتاهُ إني ثائرُُ
لكنَّ صمتَ الناسِ يلعنهُ الكلامُ

لا تلتَفِتْ ولدي لِمَنْ
عشقوا الهوانْ
فالعبدُ عبدُُ مهما أنصفَهُ الزمانْ
أمَّا الكرامةُ يا بنيَّ فمهرُها
غالٍ ومهرُ الخائفينَ أمانْ
دربُ البطولةِ يابنيَّ وإن قَسا
فاسلُكهُ حتماً
أسلُكهُ حراً
إنَّ كفَّ الحُرِّ في عينِ العبيدِ حُسامْ

لاتخشى يا أبتاهُ إنِّي صامدُُ
ثابتُُ
لن أنحني أبداً ومهما الجَوْرُ طالْ
أنا منكَ شبلُُ لا أفرُّ من النزالْ
والسجنَ قد علَّمتني
شرفُُ لِمَنْ يرجو الجلالْ
لا تبكي يا أبتاهُ إنِّي ساجنُُ
سجني بصبرٍ ليس يُدركهُ رجالْ
لاتبكي يا أبتاهُ دمعُكَ ذو مقامْ
لا تصمُتَنْ أبداً وناولني كلامْ
فكلامُ مثلكَ شمعةُُ
قد أسكتت قُبحَ الظلامْ

أبُنيَّ عذراً إن بكيتُ فإنَّها
نارُ الفراقِ تهُدُّها دمعاتي
والهمُّ رغماً يا بنيَّ يغُلُّني
خوفاً عليَّ فأنت سرُّ ثباتي
أنا لستُ أخشى عليكَ أُدرِكُ هِمَّتَكْ
والحبُ في عينيكَ نهرُُ
العزمُ في عينيكَ بحرُُ
أغترِفْ مِنْ موجِهِمْ معنى الصمودِ لتستقيمَ حياتي
إنّ البغاةَ إذا أرادوا تقدُّماً
في بغيهِم قصدوا القويَّ وشوَّهوا الأحرارا
يفَرِّقونَ الجَمْعَ بُغيَةَ ضعفِهِ
هي خصلةُ الشيطانِ نعرفُها ومَنْ في ركبِهِ
مرُّوا على كلِّ العصورْ
وزرعُهُمْ دوماً يبورْ
عصرُهُمْ مهما يطولُ تَوَلَّوا الأدبارا
أبُنيَّ إنَّا إنْ زرعنا الأرضَ حُبا
لن يَزيدَ الكارهينَ سوى بَوارا
واللهِ إنَّا إن رَمينا الذُلَّ جُبَّا
لفَتَّشَ الأذنابُ عن ذُلٍّ غِيارا
أنسيتَ أتباعَ الكليمِ جحودَهمْ
عندما جحَدوا العظيمَ غباؤهمْ
ورغمَ آياتٍ تعُجُّ الطفلَ شَيبا
لينسوا ربَّا
ويعبُدوا عجلاً إلهاً صُنْعَ جهلٍ
حين قالوا سفاهةً وبغيرِ عقلٍ
يُؤتي خُوارا
اليومَ عادوا يا بنيَّ ليَعبدوا ال
فرعونَ ذبَّحَهُمْ وذبَّحنا وسَحَلَ نساءَنا
وسامَنا سوءَ العذابِ وشوَّهَ ال... أطهارا

لا يا أبي
أنا ما نسيتُ وإنَّما
أسفي على قلبٍ يفتِّشُ عن عَمى
أعزَّهُ الرحمنُ بالدينِ الحنيفِ مَحَبَّةً
ويروحُ للذلِّ المُخيفِ خيابَةً
يعشقونَ الذُلَّ عِشقي للكرامهْ
أبتاهُ هل هذي علاماتُ القيامهْ
أبتاهُ أبكاني رحيلُ كِرامْ
وسجنُ مَنْ رفَضوا سبيلَ لئامْ

أبُنيَّ لا تبكي فعينُ الجاني أعماها الجُمودْ
والشرُّ يا ولدي
على مرِّ الزمانِ له جنودْ
لكنَّهمْ أعجازُ نخلٍ خاوياتْ
ما لهم من باقياتْ
إن رياحُ الخيرِ هبَّتْ في صمودْ
فاصبر بُنيَّ وكن على الأهوالِِ جَلدا
أنت حرُُ رغمَ سجنكَ فاقطع الأحرارَ عهدا
وعن صراطِ الحق إحذرْ يا عمر يوما تحيدْ
لا تبكينَّ فما بكت
عينُ الطغاةِ الراصدين الدمعَ في
عينيكَ واسرِد كلَّ همِّكَ للمجيدْ
أرجوك لا تبكي فعينُ الجاني ترصدُنا
وترجونا ضعافاً كالعبيدْ
واستبقِ دمعكَ هاتهِ عندَ السجودْ
كن قوياً يا عمر
كن قوياً مثل جدران الزنازين العتيقهْ
واكتبْ عليها من دمائكَ أنَّنا جندُ الحقيقهْ
الحقيقهْ
هي لن تضيعَ لطالما في الكونِ مثلُكَ واحدُُ
يدري الحقيقةَ أنَّهم سجنُ الحقيقهْ
كُن لسجانيكَ سجنا
واكتب التاريخَ عهدا
ألَّا يضيعَ الحقُّ أبدا
ومهما عاقَ الخيرَ شرُُ
سيكتب التاريخُ عنَّا
أننا للحقِّ عشنا
فلا ضللنا طريقَهْ

أبتاهُ إن يوماً بكت أمي
فاسألها عفواً تصفحن عني
أخبرها با أبتاهُ بالبسماتِ أني
أبداً لِرائعِ قلبِها
ماتعمدتُ الألمْ
لكنَّ ظُلماً قد ألَمّْ
وأرادنا العيشَ العدمْ
أرادنا نحيا ندم
أخبرها أني عائدُُ
بالنصرِ أحملُهُ علمْ
ولسوف أسعدُ قلَّبها
فإنها الأمُّ الصديقه
وحبيبةُُ جداً رقيقهْ

أبُنيَّ أمُّكَ لايضاهي ثباتَها سرُّ الثباتْ
وتعيشُ فخراً لا يطولُ سنامَهُ
بطشُ الطغاةْ
أبُنيَّ أمُّكَ تتقي
بالموتِ مَنْ خلَقَ الحياةْ
فإلى لقاءٍ ياعمر
إلى لقاءٍ يا بُنيَّ على يقينْ
أننا مهما يطولُ الظلمُ أبداً
لن يرانا نستكين
ولن يهونَ الدينُ أبداً والوطن
دمُنا يهونْ
يا سجينَ الحقِ في زمنِ المُجونْ
يا سجينَ العقلِ في حُكمٍ جنونْ
إلى لقاءٍ بعد كسرِ الإنقلابْ
إلى لقاءٍ بعدما
يعيَ الكلابُ بأنَّهم
حقاً كلابْ
إلى لقاءٍ يا بُنيَّ وكن قنوعا
أن كلَّ الظلمٍ  ذابْ
ومهما غابَ الحقُّ آبْ
إلى لقاءٍ يا رجلْ
بعدَ سحقِ الإنقلابْ......... 
********
من ديوان "رسائل إلى ولدي المعتقل" 
حوار بعنوان " إلى لقاءٍ يا عمر"
الشاعر/#عادل_عبدالباقي

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق