هل تصدى الشاعر الرائد صلاح عبد الصبور لذات معضلة انتشار أعمال الشاعر جماهيريًا واتخاذ ذلك معيارًا للقول بنبوغه وعبقريته الشعرية ، للحد الذي يصل - في زماننا هذا - إلى تتويجه أميرًا ؟!! .. تلك المعضلة التي تواجهنا ونعانيها على نحو أرحب وأشمل مما عرفه شعراء الأمس ..
نعم تصدى صلاح عبد الصبور – من أعلى شرفات التجديد الشعري - فحسمها لصالح الشعر كفن ، لا لصالح ما يطلبه الجمهور ، إذ قال :
" إن الهدف من التجديد الشعري ليس أن يصل الشعب إلى فهم الشعر ، فنحن ندرك أن كل فن من الفنون له " رأي عام " يتتبع هذا الفن ، ويعرف قيم رجاله وأقدارهم ، ومدى ثبات قدمهم في هذا الفن ، وأنا كشاعر ، يعنيني أن يقرأ لي الأستاذ العقاد ، ويرى في شعري رأيًا حسنًا ، أكثر مما يعنيني أن يقرأ لي ، ويرى في شعري هذا الرأي الحسن ، عشرة آلاف من غير المتتبعين للشعر ، أو العارفين بقيم رجاله وأقدارهم " ..
ومن هذا المنطلق ، إذا صح أن نضيف إلى قول صلاح عبد الصبور ، فلنقل – من باب أولى – أنه على الجماهير الشابة المتزاحمة اليوم على كتابة الشعر – فصيحاً وعاميًا – أن ينهضوا في أنفسهم بتتبع الشعر في رحلته الطويلة – عربيًا وغربيًا - ما وسعهم ، وأن يقفوا في هذا التتبع الشاق اللذيذ على قيم رجاله ويعرفوا أقدارهم ، إذ ذلك وحده ما سيجعلهم قادرين على تقييم وزن تجربتهم ، والوقوف على ما ينتظره منهم فن الشعر من إضافة ، في هذا العصر ، إلى تراثه التراكمي العظيم .
#ياسرنور
#ياسرنور

0 التعليقات